ربما لا يعلم الكثيرون تفاصيل حوار دار بيني و بين المدير الفني لفريق سانتوس الأنجولي، و الذي لا أتذكر حتى اسمه، و ذلك بعد مباراة الذهاب التي انتهت بثلاثية نظيفة للنادي الأهلي هنا في القاهرة.
وقتها، توجهت للفندق الذي تقيم فيه بعثة الفريق الأنجولي، و ذلك بصفة عملي كمذيع و مراسل في قناة الحياة الفضائية، و ذلك لإجراء بعض اللقاءات التلفزيونية مع لاعبي و مدربي فريق سانتوس، لم يكن الهدف الرئيسي منها الحديث عن المباراة بقدر ما كان الأمر تقريراً مصوراً عن انطباع اللاعبين و المدربين عن تعيين مانويل جوزيه مديراً فنياً لمنتخب أنجولا، و الذي أثنى عليه الجميع خلال اللقاءات و أكدوا جميعاً لهفة انتظارهم لوصول هذا المدرب لبلادهم.
وقتها تحدثت مع المدير الفني للفريق، و بعدما انتهينا من التصوير و قبل عدة دقائق من توجههم للمطار للمغادرة عائدين إلى أنجولا بهزيمة ثقيلة على أكتافهم، فسألني "هل ستأت إلى أنجولا لمشاهدة مباراة العودة ؟" .. فداعبته قائلاً :"كنت أفكر في القدوم، لكن بعد النتيجة الثقيلة أعتقد أني غيرت رأيي لأنها ستكون مباراة بلا معنى" و كان الحديث ضاحكاً.. فرد علي قائلاً :"أنصحك بأن تأتي و ستقتنع أن هناك سبب لقدومك"!
و بالرغم من أني اعتقدت وقتها أنه مثله مثل باقي الفرق الأفريقية التي اعتدت على إجراء أحاديث تلفزيونية مع لاعبيها، الكل يتحدث بلهجة ثقة مفرطة و يتوقع فوز فريقه بفارق ثلاثة و أربعة أهداف، إلا أن الدقيقة الأولى في مباراة العودة أكدت لي أن الأمر لم يكن كذلك، بل كان الرجل يعني كل كلمة قالها و كان مسئولاً عنها.
و أنا هنا لا أتحدث لمجرد أن الأهلي خسر المباراة، بل لشكل أداء فريق سانتوس، الذي تأسس عام 2002، و الذي قدم غزواً على ملعب المباراة و إعصاراً هجومياً كبيراً لم استطاع الأهلي في البداية مقاومته بمساعدة الحظ و التوفيق اللذان تخليا عن الأهلي في النهاية لتنتهي المباراة بثلاثية نظيفة بصرف النظر عن نتيجة ركلات الترجيح، فتحية لهذا الفريق لاعباً لاعباً، و مديرهم الفني قبل كل ذلك.
على الرغم من كامل احترامي و تقديري لكل إنجازات مانويل جوزيه طالما تواجد مع الأهلي طوال السنوات الماضية، و اعترافي بأنه أفضل مدرب أجنبي في تاريخ النادي الأهلي، إلا أنه بكل صراحة نجح في ترك ذكرى سيئة و ختام سيئ لمشواره مع الأهلي مثلما فعل زين الدين زيدان مع منتخب فرنسا، فلا أحدث ينكر عظمة النجم الفرنسي زيدان، إلى أنه ختم مشواره بفعل شنيع عندما "نطح" مدافع منتخب إيطالياً و نال البطاقة الحمراء.
و على الرغم من الفارق، فزيدان تصرف تصرفاً غير أخلاقي و هو ما لم يفعله مانويل جوزيه، إلا أن تلك البطاقة الحمراء هي الذي يريد –جزءاً على الأقل- من جماهير الأهلي رفعها في وجه مانويل جوزيه بعد الأداء المشين في آخر مباراة له و في ظل حالة من الغضب العميق بسبب الخروج بهذا الشكل الذي لم نعتاد عليه كجماهير للنادي الأهلي طالما حيينا.. و أعتقد أنه كان من الأوقع أن تكون آخر مباراة دافعاً لإنهاء مشوار دام سنوات طويلة بشكل جيد.
هدف من أهدافي الرئيسية في هذا المقال هو التصدي لحملة ستبدأ من الآن لتتهم مانويل جوزيه و فلافيو و جلبرتو بتفويت المباراة خاصة أن الثلاثي لن يكونوا في صفوف النادي الأهلي الموسم المقبل، و أجزم بأن شيئاً لم يحدث بنية سيئة، بل كانت هناك مجموعة من الأسباب وراء الخروج المشين من البطولة الأفريقية.
<!--[if !supportLists]-->- <!--[endif]-->مانويل جوزيه تعامل مع المباراة و كأنها منتهية، و كأنها Farewell party أو حفل وداع، و كأنه أعطى اللاعبين تعليمات بالاستمتاع بالمباراة .. و قطعاً مانويل جوزيه تأثر بالأجواء الأنجولية لكونه المدير الفني الجديد لمنتخب هذه الدولة، و تأثر لاعبو سانتوس بوجود المدير الفني لمنتخب بلدهم مشاهداً للمباراة فبذلوا ضعف ما لديهم من إمكانيات .. و لا يمكن أن يقنعني أحد أن جوزيه لم يكن يضع في رأسه مشاهدة المستوى الذي سيظهر عليه لاعبي سانتوس ليبدأ في انتقاء عناصر فريقه، حتى لو كان ذلك لا إرادياً.
<!--[if !supportLists]-->- <!--[endif]-->لاعبو النادي الأهلي قطعاً يتمنون الخروج من تلك البطولة حتى يستطيعوا أن يتنفسوا بعض الهواء بعد أربع سنوات أو خمس سنوات من المباريات المتواصلة دون راحة "زي الناس" .. و بما أن مانويل جوزيه راحل، و المدير الفني الجديد لم يتم الإفصاح عن هويته، فلا يوجد أي دافع حقيقي للاعبين أن يبذوا جهداً للبقاء في البطولة .. فالمستوى السيئ الذي ظهر به اللاعبون ليس هناك من يعاقبهم عليه و ليس هناك خسائر من خلفه، لكن كل هذا لا يبرر اتهام أحد من اللاعبين أو الجهاز بسوء النية، لأن هناك فارق بين "غياب الحافز يتسبب في الخسارة" و "تفويت المباراة"
<!--[if !supportLists]-->- <!--[endif]-->اختيار أحمد علي لتسديد الركلة السادسة اختيار غير موفق، ليس لأنه أضاعها، و لكن لأنه لاعب تحت السن "حرام" تحميله مسئولية ركلة جزاء مثل هذه، في ظل وجود لاعبين في الملعب بأسماء مثل حسام عاشور مثلاً أو حتى أحمد السيد المساك، و إن كنت لا أعتبر ذلك سبباً للخسارة لأن أي لاعب معرض لإضاعة ركلة جزاء، و اعتراضي كله يقتصر على اختيار اللاعب الشاب لتنفيذ ركلة حياة أو موت و أتمنى أن لا يتأثر أحمد على نفسياً لأنه خامة واعدة جداً و نعلق عليها آمالاً كثيرة في المستقبل، و لأنه ليس مذنباً بأي نسبة.
رسالة لمن سيبدأ في الحديث عن "لاعيبة الأهلي خسٌروا نفسهم " .. لا أعتقد أنه لو كانت النية منعقدة على الخروج من الكونفدرالية كان الأهلي سيفوز بثلاثية في مباراة الذهاب .. و إذا كانت الهزيمة مدبرة و مخططة، فلا أعتقد أنهم رغبوا في الخروج بفضيحة.