هناك مثل شائع يقول "نعلم في المتبلم يصبح ناسي" .. هذا هو ما يمكن أن نطلقه على ما يحدث حالياَ ومنذ إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم عن منح مصر حق تنظيم بطولة كأس العالم للشباب 2009 والتي ستبدأ فعاليتها بعد ستة أيام من الآن.
وكانت البداية من ملف مصر الذي تقدمت به للفيفا عام 2003 من أجل الفوز بشرف تنظيم كأس العالم للكبار، ثم الإعلان عن إسناد مهمة التنظيم لجنوب إفريقيا وحصول الملف المصري علي "صفر" بسبب عدم استيفاءه لمتطلبات إعداد ملف "محترم" يعطي لصاحبه الحق في التنظيم.
ولن أقوم بفتح هذا الملف الأسود مجدداً، ولكن الشيء المحزن والمقلق هو أن الجميع لم يتعلم ولم يستمع لصوت العقل ولم يقم بدراسة الأسباب التي أدت إلى تلك الفضيحة، بل ظلت الأمور كما هي .. فوضي ومحسوبية وعدم تنظيم واستهانة بمصر وقدرها ومكانتها بل وبالمصريين أنفسهم.
كأس العالم للشباب والتي ستقام في مصر إخفاق آخر من جميع الوجوه وهذا من وجهة نظري المتواضعة، وأعتقد أن الكثيرين سيعرفون من أين جاء هذا التوقع أو هذا المسمى الذي يبث القلق في قلوب المسئولين – إذا كانوا مسئولين من الأساس!!
بدايةً، فإن الكثيرين منا لا يعرفون أفراد منتخب بلدهم من الأصل .. لا أسماء ولا مراكز ولا أندية ولا أعمار .. بل حتى لا يدرون من سيمثل مصر أساسياً ومن بديلاً وهذا شيء مضحك إلى أبعد الحدود، لأنه وببساطة آخر ما يتخيله أي عاقل.
تخيلوا، منتخب بلد لا يعرفه جمهوره ..!! هل يدري الجمهور المصري الذي لا يعرف هذا المنتخب الذي سيمثل مصر في ثاني أكبر محفل عالمي بعد كأس العالم للكبار أن الوفود الأجنبية تتوالى على أرض مصر وأن هناك بالفعل أزمة في الإقامة؟ هل جاء هؤلاء إلى مصر من أجل الفسحة وهم لا يعرفون منتخب بلدهم ؟؟ بالطبع لا.
ولا أتجاوز إذا ما قلت إن منتخب مصر أشبه بالغريب في بيته، فلا دعاية ولا إعلانات وحتى مبارياتهم الودية لا يتم إذاعتها حتى لو كانت مسجلة، "دا حرام ولا حلال؟".. هؤلاء ليسوا أجانب بل مصريين يحملون علم البلد ويستحقون منا كل الدعم وأنا واثق إذا ما حقق هذا الجيل مركزاً متقدماً في البطولة سيخرج علينا الجميع ويتباهون بما حققوا.. عجباً لهذا الزمن.
أنا شخصياً أمر يومياً بميدان التحرير، وكان هناك لوحة كبيرة بها حوالي سبعة لاعبين من منتخبنا للشباب وإعلان عن كأس العالم، ومنذ ثلاثة أيام تقريبا لم أجد تلك اللوحة "الوحيدة التي رأيتها" .. هل تدرون أين وجدتها؟؟ في الأرض وحشود من المارة تدهسها بلا أدنى مشكلة..!!
وبعد يوم اكتشفت واقعة لا تعبر إلا عن مدى الإهمال الذي فاق كل الحدود، والتي تحققت فيها مقولة "هم يضحك وهم يبكي".. فعندما جاءت الحافلات التي ستقل الوفود والفرق المشاركة في البطولة كان عليها ملصقات الدورة وللأسف وقعت في فخ قانون المرور .. ما هذا الهراء؟!.
نعم قام رجال المرور بنزع شعار البطولة من على الحافلات بحجة إنها ضد قانون المرور الذي يمنع وضع ملصقات على السيارات، فلو كان هناك تنظيماً لقامت الجهات المسئولة بتوجيه جميع رجال المرور وإصدار بيان ليعرف عسكري المرور أن "مصر ستنظم كأس العالم للشباب" .. تصدق؟؟
وجاءت الطامة الكبرى، حيث أصاب فيروس أنفلونزا البث كأس العالم أيضا، فبعد الدوري واللجنة السباعية، جاء الدور علي كأس العالم الذي "تنظمه مصر" ولن يراها الشعب المصري الذي أصبح غريب هو أيضاً في بيته ولا يدري "هايلاقيها منين ولا منين".
التليفزيون لا يريد دفع 4 ملايين دولار وهو ثمن سيارة بث مباشر توجد في كل استاد ومزودة بـ16 كاميرا وفقا لمعايير وضعتها الفيفا منذ زمن بعيد ونحن نعلمها جيداً ولكننا دائماً أصحاب "ودن من طين وودن من عجين" ولا نهتم ونكيل الاتهامات لغيرنا وفي النهاية "مش هاذيع وفي ستين داهية الشعب".
للأسف هذا هو الواقع، فإذا كان هذا حال بطولة كأس عالم للشباب، والتي ستقام بعد ما يقرب من السنوات الست من فضيحة الصفر -أي إننا كنا نملك الوقت للبحث والتطوير وإصلاح الأخطاء - فما الحال إذا ما كان الفيفا قد أعطى لنا حق تنظيم مونديال الكبار 2010 .. كانت ستصبح "فضيحة بجلاجل" .. ولنا الله.