kaiba
المدير العام
تاريخ التسجيل : 24/11/2008 العمر : 30 الجنس : مكان الاقامة : Alexandria المشاركــــات : 2728 نقاط التقييم : 21 نقاط التميز : 330 نقاط الخبـــرة : 113997 الاحترام :
الاوسمة : بلدك : المزاج : My Mms :
PDA المسكن: سلايفر نقاط الخبره: 100 مستوي المبارز: Level 1
| موضوع: يا أمهات عصر الديجيتال أطلقن خيال أطفالكن بحواديت ما قبل النوم الأحد 26 أبريل 2009, 23:14 | |
| بســم الله الـرحمــن الرحيــم
يا أمهات عصر الديجيتال أطلقن خيال أطفالكن بحواديت ما قبل النوم
---------------
من منا لم يسمع من جدته أو أمه حدوتة قبل النوم، ومن منا لا يتذكر عطر حواديت هذا الزمان؟ ومن منا لا يتمنى أن يضع رأسه على صدر أمه ليسمع منها حدوتة ما قبل النوم: الشاطر حسن.. ست الحسن والجمال، أمنا الغولة، تلك الحواديت التي كانت تمنحنا الأمان وتطلق لخيالنا العنان، أين أطفالنا اليوم منها بل أين الجدات والأمهات في عصر الأسرة النووية والبوكيمون؟
لست وحدي من يشعر بالحسرة وهو يرى أولاده يضعون قرصا مدمجا في جهاز الكمبيوتر أو فيلما في جهاز الفيديو ليشاهدوا توم وجيري وهاري بوتر إلى آخر هذه القائمة الطويلة من الحكايات الخيالية وأفلام الرسوم المتحركة التي ينتجها الغرب ليتسمر أمامها أطفالنا بالساعات، وهم لا يجدون الأصل الجميل في حواديت قبل النوم التي كانت ترويها الجدات والأمهات في الزمن الجميل الذي اختفى بفعل غزو أفلام الكرتون الغربية التي توزع مع سندويتش الهمبرغر والهوت دوغ في مطاعم الوجبات السريعة التي تقرأ السوق جيدا وتعلم أن عصر حواديت الجدات والأمهات ولى وجاء زمن «الحدوتة السندويتش».
انقراض الأمهات والمربيات
د.محمد رجب النجار أستاذ الفولكلور في جامعة الكويت يشعر هو الآخر بهذه الحسرة التي أشعر بها وهو يتذكر بسعادة تلك الحواديت والحكايات فيقول:
أهم ما في حواديت ما قبل النوم أنها تروى من الأم نفسها فهي ترضع طفلها من ثدي وتحكي له من الآخر فتعطيه فرصة لا حدود لها من الخيال ليشعر بالأمان والطمأنينة والسلام حين تغمض عيناه فينام قرير العين وحين يستيقظ يشعر بذاته وبقيمته ودوره في الجماعة وهو لا يزال في سن مبكرة، بل ربما يشعر بذلك وهو مازال في المهد، فالجنين في بطن أمه ـ كما يقول الأطباء ـ يشعر بخوف أمه وقلقها وبالتالي فهو يشعر بالأغنيات الشهيرة التي تهدهده به الأم.
وهناك كانت المربية التي تقوم بدور الحكاء أو الراوي للحدوتة وأقصد هنا المربية القديمة التي كانت تلم بالتراث مثل حكايات أبي زيد الهلالي والشاطر حسن وست الحسن والجمال التي أصبحت سندريللا وتسمى في الكويت «أم السمكة أو أم السميميكة» لكن حتى هذه المربية انقرضت وحلت محلها مربيات عصر الديجيتال اللواتي لم يسمعن بهذه الحكايات.
والبعض يعترض على أن حواديت الجدات والأمهات كانت تحتوي على قصص مخيفة مثل «أمنا الغولة» التي كانت تسمى في الكويت باسم «حمارة القايلة» أو «أبو رجل مسلوخة» وغير ذلك من الحكايات التي يزعم البعض أنها تسبب الرعب للأطفال ولكني أرد على هؤلاء بأن الأم لأنها مصدر هذه الحواديت فهي تشعر طفلها بالأمان وليس بالخوف كما أن خيال الطفل أكبر من أن ينحصر عند مفهوم الشر فقط، فهذه الحواديت لا تخيف الطفل ولكنها مصدر ثراء له فهي تقوم بتوسيع أفق الخيال لديه بغير حدود كما أن هذه الحواديت تعزز الانتماء والسلام النفسي بداخله، ولنا أن نلاحظ في كل الحواديت الشعبية التي كانت تحكيها الجدات والأمهات ان عنصر الخير كان دائما يتغلب على الشر.
حواديت المشاهير
ويضرب د.النجار أمثلة على أهمية حواديت الجدات والأمهات في حياة المشاهير فيقول: شكلت هذه الحواديت وجدان الكثير من المشاهير فالإنسان كائن قصصي، فالأديب الراحل طه حسين كان يدين في تكوينه إلى حكايات أبي زيد الهلالي وحكايات أمه، والرئيس الراحل السادات كان يردد دائما كيف أن حكاية أدهم الشرقاوي التي كانت تحكيها جدته أثرت في وجدانه، والقائد الفرنسي الشهير نابليون كان يدين لأمه بالكثير من الحكايات والحواديت، ولذا قال عبارته المشهورة: «الأم تتحكم في العالم من خلال ابنها».
والغريب أن تراثنا تعاد صياغته في الغرب في أفلام الكارتون والرسوم المتحركة، بل إنني رأيت في انكلترا كيف يستخدمون ألف ليلة و ليلة في تنمية خيال وإبداع أطفالهم من خلال عمل كروت صغيرة من وحي حكايات ألف ليلة وليلة ووضعها من خلال خيوط فوق سرير الطفل ليتصور هو الحكاية ثم أصبحت تصدر في كتاب معه شريط كاسيت بصوت كبار الفنانين لأن الأمهات في العصر الحديث لا يتقن موهبة الحكي التي كانت لدى الجدة والأم في العصور السابقة فالأم الآن تقرأ الحدوتة وتحكيها لأطفالها وفي اليوم الثاني تنساها.
اختفت فظهرت العقد النفسية
أما د.جاسم حاجية الاستشاري النفسي للأطفال فيحمل الأمهات المسؤولية وراء ضياع قيم حواديت قبل النوم فيقول:
ـ أمهات هذه الأيام لا يقمن بالرضاعة الطبيعية ولا بسرد الحواديت فظهرت العقد النفسية لدى أطفالنا، فالأم مشغولة عن الطفل والإعلام في عصر الفضائيات والدش صرف الأسرة عن الطفل، والعلاقات الاجتماعية بالمفهوم القديم حيث التفاف الأسرة كلها معا غابت، والطفل أصبح ينام في غرفة لوحده أو برفقة خادمة لا تتحدث لغته وانفصلت الأسر عن الجدات، وظهرت بدائل أخرى تسرق الساعات من الأطفال مثل ألعاب الفيديو والكمبيوتر التي ربما تغني الطفل ماديا لكن الجانب النفسي الذي تحققه الحدوتة التي ترويها الأم لم يعد موجودا في هذه الألعاب التي صنعت بعناية وذكاء بحيث تسيطر على كل مشاعر وأحاسيس الأطفال.
إياكم وتخويف الأطفال
ويعدد د.حاجية الفوائد التربوية والنفسية التي تحققها حواديت قبل النوم للاطفال قائلا:
ـ حواديت قبل النوم تعود على الطفل بالكثير من الفوائد التربوية والنفسية فهي تساعده على النمو العقلي السليم، وتنمي لديه ملكة الخيال. وتلعب هذه الحواديت دورا كبيرا في تنمية قدرات الطفل اللغوية من خلال سؤاله عن بعض ألفاظ الحدوتة، فيتعرف من خلال الإجابات على مدلولات كثيرة تتعلق بالحجم واللون والشكل، فيتعرف على أسماء الحيوانات والطيور، فننمي بذلك قدراته العقلية بصورة جيدة تجعله قادرا على التصور والإبداع.
وهناك نقطة غاية في الأهمية وهي أن أمهات هذا العصر خرجن للعمل ويبعدن عن أطفالهن لفترات طويلة، وبذلك يحرم الطفل وهو في سن مبكرة من حنان الأم. وحواديت ما قبل النوم تعطي لهؤلاء الأطفال جرعة من هذا الحنان من خلال هذه اللحظات الحميمة التي ينتظرها الكثير من الأطفال الذين يفتقدون أمهاتهم خلال ساعات النهار.
وينصح د.حاجية الأمهات بالتعامل مع هذه الحواديت بذكاء والانتقاء منها ما يحتوي على القيم والسلوكيات الجيدة التي نريد غرسها في الأطفال مثل الشجاعة وقول الحق والصدق، وتراثنا زاخر بهذه الحواديت، كما يحذر بعض الأمهات من اللجوء إلى الحواديت التي تخيف الأطفال ممن يرفضون النوم أو يمارسون الشقاوة لأن لمثل هذا التصرف آثارا سلبية على نفسية الطفل تجعله عرضة للإضطرابات النفسية والقلق وقد تنتابه الكوابيس والأحلام المزعجة خصوصا إذا ما سردت هذه الحواديت قبل النوم مباشرة. | |
|